جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 61)

الصواب وملبسهم الاقتصاد ، عظم الخالق في نفوسهم فصغر مادونه في أعينهم . . . حاجاتهم خفيفة ونفوسهم عفيفة . . . وصبراً في شدّة ، وطلباً في حلال . . . خاشعاً قلبه قانعاً نفسه»(1) .

* الثالث: البيان

أشار القرآن الكريم وروايات أهل البيت (عليهم السلام) صراحةً إلى صلاح بعض الأعمال بالنظر إلى أهمّيتها وعظم خصائصها . فقد أعلن القرآن صراحة ـ وبعد تصويره لحالة مجاهدي صدر الإسلام ـ ما سيكتب لهم من عمل صالح بفعل بعض الخصائص ـ التي سنشير إليها ـ فقال بهذا الشأن: {مَا كَانَ لاَِهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الاَْعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَيْلا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ* وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) .

  • 1 . نهج البلاغة: 303 ، الخطبة 193 .
  • 2 . سورة التوبة ، الآيتان 120 ـ 121 .

(الصفحة 62)


السيطرة على النفس



لمّا كانت الحكومة الإسلاميّة تتطلّب وجود الولاة الأتقياء الأحرار من كافّة الأهواء والميول النفسية وغير ذلك ، أمر الإمام علي (عليه السلام) الذي أرسى دعائم النموذج التامّ للحكومة الإسلاميّة ـ واليه مالكاً الأشتر قائلاً:

«فَامْلِك هَواكَ»

وقد ذكرنا سابقا ما يتعلّق بالتقوى وحفظ النفس و كبح جماحها ، ونريد أن نتعرّف هنا على الرابطة بين ملك الهوى ـ الواردة في وصيّة الإمام ـ والعمل الصالح . وهل ملك الهوى هو ذات العمل الصالح ، والعمل الصالح هو ملك الهوى ، أم أنّهما مفهومان منفصلان؟
يمكننا القول بأنّ السيطرة على النفس هي إحدى مصاديق الأعمال الصالحة ، وأنّ العمل الصالح لا يقتصر على العمل باليد والرجل وسائر الأعضاء الظاهرية من جسم الإنسان . «فالأعمال القلبية» هي عمل أيضاً ، وأفضل دليل يمكنه تأييد صحّة هذا الاحتمال ما أورده القرآن: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (1) .
فقد بيّنت العبارة في الآية «نهى النفس» بصورة فعل ، وهذا بدوره ما يفيد البُعد العملي للنفس الإنسانية ، أي أنّ الإنسان ينبغي أن ينهى نفسه عن الهوى ويمنعها من الشطط ، بغية الانطلاق نحو السموّ والتكامل .
ونخلص على هذا الأساس إلى أنّ كبح جماح النفس والأخذ بزمامها يعدّ من
  • 1 . سورة النازعات ، الآيتان 40 ـ 41 .

(الصفحة 63)

الأعمال الصالحة وأهمّها; وهي الأهمّية التي كشف رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن حقيقتها حين قال:«لولا تكثير في كلامكم وتمريج في قلوبكم لرأيتم ما أرى ولسمعتم ما أسمع»(1) .
وبالمقابل فإنّ هناك من لا يرى السيطرة على النفس جزءاً من الأعمال الصالحة ، بل يعتبرها مقدّمة له ، أي أنّ الإنسان إذا أراد أن يقوم بعمل صالح وجب عليه قبل ذلك أن يكبح جماح نفسه ويمسك بهواها .

تهذيب الغرائز



لا تتّفق المدرسة الإسلاميّة ونظرية «فرويد» في إطلاق العنان للغرائز الجنسية بصفته العامل المهمّ في صنع التأريخ ، كما تختلف والرهبنة المزيّفة التي ترى في الوصول إلى الحقائق يكمن في قمع هذه الغرائز ، وتعتقد بأنّ هذه الغرائز قد أودعت لدى الإنسان من جانب الحكيم الخبير ، فهي ليست مصدراً للشرّ والفساد والحيلولة دون نيل الحقائق ، وللإنسان أن يشبعها على ضوء الطرق المشروعة ووفقاً للضوابط الإسلاميّة .
ومن الطبيعي أن يؤدّي الالتزام بالمبادئ الإسلاميّة والضوابط الشرعية إلى تهذيب هذه الغرائز وصدّها عن الانحراف الذي يتنافى والاُسس الإسلاميّة .
والذي يمكن أن نخلص إليه هو أنّ الإسلام يتبنّى منهاج التوازن في الغرائز لا قمعها أو إطلاق العنان لها ، الأمر الذي جعل الإسلام يهبّ لمجابهة التحلّل الجنسي
  • 1 . تفسير الميزان: 5 / 270 ، وروى نحوه محمّد بن جرير الطبري في كتابه صريح السنّة: 29، والهيثمي في مجمع الزوائد: 1 / 208، والمنذري في الترغيب والترهيب: 3 / 497 .

(الصفحة 64)

من جانب ويرفض الرهبنة من جانب آخر . وهذا ما نلمسه في خطابه (عليه السلام)لمالك:
«وَ شُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَكَ ، فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ» .

الإسلام وأدعياء حقوق الإنسان



إنّ أدعياء حقوق الإنسان ـ الذين يرفعون لواء مساواة كافّة أفراد النوع الإنساني في الحقوق ـ لا يهملون هذه المساواة من الناحية العملية فحسب ، بل لايعتقدون بذرّة من قيمة واعتبار للأقلّيات التي تعيش في بلدانهم ، فهم لا يكتفون بعدم توفير الدعم والإسناد لهذه الأقلّيات في اكتساب قوتها وعيشها بأمن وسلام فقط ، بل يمارسون بحقّها أبشع أساليب الفتك والتنكيل والإبادة الجماعية .
ولو تصفّحنا أوراق التأريخ لرأينا أوربا ـ التي تدّعي التمدّن والحضارة والتقدّم ـ وفي العصر الراهن واستنادا لبعض الشواهد قد ارتكبت ما لا يحصى من الجرائم والجنايات ، فقد أحال هتلر أكثر من ستّة ملايين يهودي في مختلف معتقلات أوربا على يد السفّاح «آيشمن» وسائر عتاة النازية إلى رماد ، بعد أن ألقوا بهم بتلك الأفران الرهيبة ، ناهيك عمّا مارسه النصارى في القرون الوسطى الذي يزعمون اتّباعهم للسيّد المسيح (عليه السلام) الذي دعاهم للرحمة والرأفة والمودّة ، حيث لم ينفكّوا عن قتل الأقلّيات من أتباع الأديان الاُخر ، وأفضل شاهد على ذلك حروبهم الصليبية التي شنّوها لقرون متتالية ضدّ الإسلام والمسلمين ، وقتلوا الملايين من أبناء الأُمّة الإسلاميّة .
أمّا قوّات الاحتلال الإسرائيلية التي أحرقت الأخضر واليابس من ممتلكات المسلمين ومارست أبشع أساليب الأذى والإساءة لمقدّساتهم فلم تقف وحشيّتها
(الصفحة 65)

عند هذا الحدّ ، بل اندفعت أكثر من هذا وأوغلت في جريمتها لتحرم أصحاب هذه الأرض حتّى عن ممارسة أبسط حقوق الحياة وجعلتهم يعيشون الأمرّين ، فقد أصبح القتل والنفي والاعتقال والتعذيب من المفردات اليومية التي شحن بها القاموس الإسرائيلي .
وهنا ينفرد الإسلام بأساليبه الإنسانية النبيلة . وأقرب نموذج نحتذيه يكمن في المعاملة الكريمة التي تعتمدها الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية بقيادة زعيمها التأريخي الإمام الخميني (رضي الله عنه) تجاه الأقلّيات الدينية في البلاد والتي ذاقت ومازالت تذوق طعم المساواة والحرّية . ولا غرو فقد خاطب الإمام علي (عليه السلام) واليه قائلاً:
«وأشْعِر قلبَكَ الرحمةَ للرعِيَّةِ ، والمحبّةَ لهم ، واللُطفَ بهم ، ولا تكونَنَّ عليهم سَبُعاً ضارياً تَغتنمُ أَكْلَهُم ، فإنَّهم صنفان: إمّا أخٌ لك في الدِّين ، أو نظيرٌ لك في الخلق ، يَفرُطُ منهم الزلَلُ ، وتَعرِضُ لهم العِلَلُ ، ويُؤتى على أيديهم في العمد والخطأ ، فأعطِهِمْ من عَفْوِكَ وصَفْحِكَ مثلَ الذي تحبّ وترضى أن يُعطِيكَ اللّهُ من عَفوِهِ وصَفحِهِ ، فإنَّكَ فوقَهُم ، ووالي الأمر عليكَ فَوقَكَ ، واللّهُ فوقَ مَن ولاّكَ ، وقَدْ استكفاكَ أمرَهُم وابتلاكَ بِهِم» .
فالإمام (عليه السلام) يوصي مالكاً بالنظر بعين العدل والمساواة لكافّة أبناء المجتمع دون أن يكون هناك من امتياز لأحد على آخر . هذه هي الصفة التي تميّز الحكومة الإسلاميّة عن سائر الحكومات ، بينما تقف الحكومات الاستكبارية والدول التي تدّعي الحرّية وتتبنّى أُطروحة حقوق الإنسان ـ والتي وضعت حسب زعمها حجرها الأساس ـ في الخندق المقابل المعاكس للإسلام تماماً ، فهي لا تجرّد الأقليّات الدينية والطبقات المحرومة من أبسط حقوقها فحسب ، بل لا تتورّع عن التشبّث بمختلف الذرائع والحجج من أجل استجوابها على الدوام وتعريضها لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل .