جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 74)

الذي جمعه النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؟ ألا يحتمل أنّ الأيدي عبثت وتصرّفت في ترتيب الآيات ومواقع السور خلال هذه الفاصلة الزمنية الممتدّة ، خصوصاً وأنّ المشهور اليوم هو أنّ عثمان هو الذي جمع كتاب الله ، حتى أصبح يُشار ويُقال: «المصحف العثماني»؟ فإذا فرضنا أنّ عثمان بن عفّان قام أيضاً بجمع القرآن ، فمن أين نعلم أنّ القرآن الموجود بين أيدينا اليوم هو الذي نهض رسول الله(صلى الله عليه وآله) بجمعه لا الذي جمعه عثمان؟ وعليه فإنّ الاستدلال على عدم التصرّف في ترتيب الآيات من منطلق تصدّي النبيّ(صلى الله عليه وآله) لهذه المهمّة وانجازها في حياته يبقى ناقصاً!

ردّ الشبهة :

يتسالم المحقّقون ويتّفقون على أنّ دور عثمان كان منحصراً في معالجة قراءات القرآن المختَلَف فيها ، لعلل وأهداف لا داعي لذكرها ، فهو جمع القرآن لا بمعنى جمع الآيات والسور في مصحف واحد ، بل جمع الناس على قراءة واحدة ، وقد اختار عثمان القراءة المشهورة المتواترة بين المسلمين ، القراءة التي أخذوها عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) فكتب القرآن على تلك الصورة .
إذن ، ما فعله عثمان هو أنّه أشاع ونشر نفس الكتاب الذي ألّف رسول الله بين آياته ، وفق القراءة المعروفة المتداولة ، وثبّتها من بين بقيّة القراءات الاُخرى المختلفة ـ ويرجع سبب اختلاف القراءات إلى حدّ كبير إلى تفاوت اللهجات وبيئات القبائل ـ وقد كان أمير المؤمنين(عليه السلام)يحوط العملية بالرقابة اللازمة كما جاء في رواية سُويد بن غفلة: أنّ عليّاً(عليه السلام) قال: «والله ما فعل ـ عثمان ـ الذي فعل في المصاحف إلاّ عن
(الصفحة 75)

ملأ منّا»(1) ، إذن فعثمان لم يجمع المصحف على هواه ووفق رغبته ، وقد أقرّه الجميع على ذلك ، ولم يعترض عليه أو ينتقد فعلته أحد من المسلمين(2) .
ولعمري ما كان عثمان ولا غيره قادراً على مس القرآن ، وتبديل مواضع السور والآيات فيه ، إذ كان المسلمون يحوطون القرآن الذي جمعه ونظّمه رسول الله(صلى الله عليه وآله) باهتمام وعناية ما كانت تسمح بإسقاط «واو» أو تغيير مكانها في الآية! ففي «الدرّ المنثور»: أخرج ابن الضريس ، عن علباء بن أحمر أنّ عثمان بن عفّان لمّا أراد أن يكتب المصاحف أرادوا أن يلقوا الواو التي في براءة {والذين يكنزون الذهب والفضة} قال لهم اُبي (بن كعب): لتلحقنّها أو لأضعنّ سيفي على عاتقي ، فألحقوها(3) .
نعم ، إنّ وجود حماة أشدّاء يقفون كالليوث مترصدة مراقبة ، على رأسهم أمير المؤمنين(عليه السلام) ، يحوطون القرآن بالرعاية والمتابعة لم يكن ليسمح بالعبث والتحريف ، أو بتغيير الترتيب والنظم .
ويبقى الحكم التاريخي ، كما ذهب بعض المحقّقين ، على فعلة عثمان هذه يتأرجح بين إثبات حسنة له واُخرى سيّئة: فهو من جهة أنهى النزاع والاختلاف في القراءات ، وجمع المسلمين على قراءة واحدة متواترة . ولكنّه من جهة اُخرى أقدم على إحراق بقيّة المصاحف ، وأمر
  • (1) كنز العمّال 2: 583 ح4777 ، الميزان في تفسير القرآن 12: 123 .
  • (2) البيان في تفسير القرآن: 277 .
  • (3) الدرّ المنثور 3: 232 ، الميزان في تفسير القرآن 12: 123 .

(الصفحة 76)

أهالي الأمصار بإحراق ما عندهم من المصاحف ، وقد اعترف على عثمان في ذلك جمع من المسلمين حتّى سمّوه «حرّاق المصاحف»!(1) .
وعلى أيّ حال فهو لم يُدخل ميوله ويُعمل أهواءه في عملية الجمع هذه ، وعلى تقدير إقدامه على شيء من هذا فإنّ عمله كان سيُرفض تماماً ، وكان سيُواجه خصوصاً من قبل أهل الخبرة والمعرفة بالقرآن الكريم ، وكانوا كثيرين ، وعلى الأخصّ مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) ، الذي كان محيطاً بجميع خصائص وجزئيات القرآن ، منها ترتيب آياته ومواقعها . إذن فإنّ عمل عثمان لم يتعدّ إحياء ذلك المصحف الخالد نفسه الذي خلّفه النبيّ(صلى الله عليه وآله)  .
من هنا يتقرّر: أنّ الكتاب الموجود بين ظهرانينا هو نفسه الذي وضعه النبيّ(صلى الله عليه وآله) وخلّفه بيد المسلمين قبل ما يربو على ألف وأربعمائة عام ونيف ، وهكذا يتقرّر أنّ آية التطهير جاءت في سياق آيات سورة الأحزاب المشار إليها ، وأنّ محلّها هو نفسه الذي نعهده في المصاحف الشريفة .

مؤيّد آخر لموضع الآية

يدعم كون آية التطهير جاءت تلو آيات النساء ، وأنّ موقعها هذا كان بأمر خاصّ من النبيّ(صلى الله عليه وآله)  . فبعدما فرغنا من إثباته من استقلالية الآية وانفصالها من حيث شأن النزول و . . .  ، يتّضح أنّ تدوين هذه الآية في هذا الموقع ينطوي على سرّ لا يحيط به إلاّ من خوطب بالقرآن
  • (1) البيان في تفسير القرآن: 277 .

(الصفحة 77)

ومن اُنزل عليه واُوحي إليه ، أي الرسول(صلى الله عليه وآله) نفسه ، إذ لو كان أمر الجمع والتدوين قد أوكل إلى الناس لما أخذت الآية هذا المكان (في ذيل الآية 33 من سورة الأحزاب) ولما توانى القائمون على التدوين ـ وهم يرون أنّ الخطاب في أوّل الآية يتوجّه لنساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)ـ من فصلها في آية مستقلّة ووضعها في موضع يتناسب وسبب النزول والمخاطب فيها ، لا أن تدمجان بحيث تحسبان في المجموع من أوّل {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ـ إلى آخر ـ تَطْهِيرَاً} آية واحدة! وهذا ممّا يدلّ على حكمة وسرّ خاصّ أراده النبيّ(صلى الله عليه وآله) من هذا الأمر ، سنعرض له قريباً .
نستعيد هنا خلاصة ما ذكرناه في المسألة الثانية :
1 ـ آية {إنّما يريد الله} نزلت في دار اُمّ سلمة وبصورة مستقلّة .
2 ـ كان في دار اُمّ سلمة خمسة أشخاص دخلوا تحت الكساء عند نزول الآية ، ولم تكن اُمّ سلمة من هؤلاء الخمسة ، وأنّ هذا المعنى متسالم ومتّفق عليه لدى العامّة والخاصّة ، حتّى أنّ زوجتي النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) اُمّ سلمة الفاضلة وعائشة الفتاة الشابّة اعترفتا بخروجهنّ عن هذا المجمع المقدّس وملتقى الفيض الرحماني .
3 ـ المتطفّلون ، «القيصريون أكثر من قيصر» ، الحاسدون ، الذين بذلوا كلّ ما في وسعهم لطمس الحقائق وتحريفها بجعل الآية شاملة أو مقتصرة على نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ذهبت جهودهم أدراج الرياح .
4 ـ إنّ آية التطهير جاءت لتخلع على «أهل البيت(عليهم السلام)» حلّة من الفخر والشرف والفضل الذي يميّزهم عن غيرهم ويمهّدهم للدور الذي سيُناط بهم في المستقبل ، دور زعامة الأمّة وهدايتها ، والهيئة الخاصّة التي اقترنت بنزول الآية (التدثّر بالكساء اليماني) كان بمثابة الإشعار
(الصفحة 78)

والعلامة المميّزة التي تقرن النزول بالشأن ، وتزيل اللبس عن أيّة مداخلات تحاول طمس حقيقة مدلول ورسالة الآية ، إنّها تحديد عملي وتطبيق خارجي لمفهوم الآية والمراد بها ، وإنّ حركة دخول الخمسة تحت الكساء ونزول الآية ودعاء النبيّ(صلى الله عليه وآله) وهم على هذه الهيئة الخاصّة ، هي حركة شبيهة بما فعله رسول الله(صلى الله عليه وآله) في يوم غدير خم عندما رفع يد أمير المؤمنين ـ حتّى بان بياض إبطيهما ـ وقال: «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه»(1) .
5 ـ القرآن كتاب منظم يبدأ بسورة الحمد ، وقد اُنجز تدوينه وتمّ تأليف آياته وسوره على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وأنّه لم يتعرّض لأيّ تلاعب ، ومواضع الآيات في المصحف الحالي هي ذات المواضع ونفس المواقع التي رتّبها النبيّ(صلى الله عليه وآله) في عهده دون تغيير أو تبديل .
6 ـ على ذلك ، إنّ موضع آية التطهير هو سورة الأحزاب في سياق الآيات التي خاطبت نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وعلى التحديد في ذيل الآية الثالثة والثلاثين التي تبدأ بـ {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} والتي كانت بصدد رسم منهج وتحديد دور وتكليف زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) . وأنّ هذا موافق ومنطبق مع التأليف والجمع الأوّل للقرآن .

اُسرة النبيّ(صلى الله عليه وآله) وعائلته فريقان :

بملاحظة النظم في هذه الآيات يتجلّى لنا البرنامج الحكيم ، والخطة
  • (1) الكافي 1: 294 ، سنن ابن ماجة 1: 88 ح116 ، المستدرك على الصحيحين 3: 118 ، كنز العمّال 13: 105 ح34343 .