جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

ممّا يجب حفظ نفسه واقعاً فوجوب الاحتياط يتّحد مع الوجوب الواقعيويكون هو هو، وإن لم يكن المشتبه ممّا يجب حفظ نفسه فلا يجب الاحتياط،لانتفاء علّته، وإنّما المكلّف يتخيّل وجوبه، لعدم علمه بحال المشتبه ـ كلامفاسد، فإنّ وجوب الاحتياط موضوعه هو الشكّ في كون المشرف على الغرقمثلاً مؤمناً محقون الدم أو كافراً مهدور الدم، فكلّما تحقّقت هذه الشبهة وجبالاحتياط، ولا منافاة بينه وبين الحكم الواقعي لنضطرّ إلى رفعها بالقولباتّحادهما فيما إذا كان في الواقع مؤمناً وبعدم وجوب الاحتياط وكونه أمرتخيّليّاً وهميّاً إن كان كافراً، لاختلافهما بحسب الموضوع، فإنّ موضوع الحكمالواقعي هو حفظ النفس المحترمة، وموضوع وجوب الاحتياط هو «المشتبه»،فكلّما تحقّق عنوان «المشتبه» وجب الاحتياط، سواء كان في الواقع مؤمناً أوكافراً.

نقد كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في مثل قاعدة الحلّيّة والطهارة

ثمّ إنّ هذا المحقّق الكبير ـ مع إطالة الكلام وإتعاب نفسه الزكيّة في استخدامألفاظ واصطلاحات عديدة ـ عجز عن حلّ غائلة التضادّ في مثل قاعدةالطهارة والحلّيّة، ضرورة أنّ شرب التتن مثلاً لو كان حراماً في الواقع ولكنّشككنا في حلّيّته وحرمته فأجرينا فيه أصالة الحلّيّة المستفادة من قوله عليه‏السلام :«كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه»(1) لكان من مصاديقاجتماع المتنافيين، ولا يمكن رفعه بالبيان المتقدِّم في كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله كما ليخفى، وهكذا الأمر في قاعدة الطهارة.

الحقّ في المسألة


  • (1) وسائل الشيعة 17: 89 ، كتاب التجارة، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4.
(صفحه198)

إذا تبيّن لك فساد ما ذكره الأعلام في المقام فاتّضح لك أنّ مقتضى التحقيقما تقدّم، من أنّ المسألة نظير باب التزاحم، فإنّ للمولى أحكاماً واقعيّة فعليّةكثيرة، وإذا كانت تلك الأحكام مجهولة للمكلّف فلابدّ للشارع إمّا من إيجابالاحتياط الذي يحكم به العقل أيضاً في جميع الموارد، أو من التعبّد بالأماراتالعقلائيّة والاُصول العمليّة، وحيث إنّ العمل بالاحتياط يستلزم العسروالحرج وتنفّر كثير من الناس من أصل الإسلام، التجأ الشارع إلى الأماراتوالاُصول العمليّة التي منها أصالة الطهارة والحلّيّة، تسهيلاً للعباد، والأحكامالواقعيّة وإن كانت باقية على فعليّتها إلاّ أنّ الشارع رفع اليد عنها فيما إذا كانتمخالفة لمقتضى الأمارات والاُصول، كما رفع اليد عمّا زاد على قدرة المكلّف فيباب المتزاحمين، وإن كان رفع اليد في باب التزاحم ناشئاً عن عدم قدرةالمكلّف على امتثال الجميع، وفي المقام عن مصلحة أقوى، وهي كون الإسلامشريعة سمحة سهلة يرغب الناس فيها وتبقى خالدة إلى يوم القيامة.

وحاصل ما تقدّم من المباحث أمران:

أ ـ أنّ جميع الأدلّة التي تمسّك بها ابن قبة وأتباعه كانت مخدوشة، ولم يثبتبها استحالة التعبّد بالمظنّة.

ب ـ أنّ الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي أمر ممكن ناشٍ عن مصلحةمهمّة.

هذا تمام الكلام في البحث عن إمكان التعبّد بالأمارات غير العلميّةواستحالته.

ج4

(صفحه200)

في الأمارات المشكوكة الحجّيّة

الأمر الثاني: فيما يقتضيه الأصل فيما شكّ في حجّيّته

لا إشكال ولا كلام فيما علم اعتباره أو عدم اعتباره، إنّما البحث في الظنونالتي لم يقم فيها دليل على أحد الطرفين، فبقيت مشكوكة الحجّيّة.

هاهنا وجوه ذكروها لإثبات عدم حجّيّتها:

كلام الشيخ الأنصاري رحمه‏الله في المقام

ما ذهب إليه الشيخ الأعظم رحمه‏الله من أنّ التعبّد بالظنّ الذي لم يدلّ علىالتعبّد به دليل محرّم بالأدلّة الأربعة، ويكفي من الكتاب قوله تعالى: «قُلْ ءَآللَّهُأَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ»(1)، دلّ على أنّ ما ليس بإذن من اللّه‏ من إسنادالحكم إلى الشارع فهو افتراء(2)، ومن السنّة قوله عليه‏السلام في عداد القضاة من أهلالنار: «ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم»(3)، ومن الإجماع ما ادّعاه الفريدالبهبهاني في بعض رسائله من كون عدم الجواز بديهيّاً عند العوامّ فضلعن العلماء، ومن العقل تقبيح العقلاء من يتكلّف من قبل مولاه بما لا يعلم


  • (1) يونس: 59.
  • (2) لا يقال: الأمارة المشكوكة الحجّيّة يمكن أن تكون حجّة في الواقع، ولو كانت حجّة لكان العمل بها منمصاديق «ما أذن اللّه‏ تعالى به» ولا يصدق عليه «الافتراء» المحرّم.
    فإنّه يقال: المراد بـ «الإذن» في الآية الشريفة بحسب المتفاهم العرفي هو الإذن الظاهر الواصل إلىالمكلّف، لا صرف الإذن الواقعي، ولو لم يتبيّن للعبد. منه مدّ ظلّه.
  • (3) وسائل الشيعة 27: 22، كتاب القضاء، الباب 4 من أبواب صفات القاضي، الحديث 6.
ج4

بوروده عن المولى، ولو كان عن جهل مع التقصير(1)، إنتهى موضع الحاجةمن كلامه رحمه‏الله .

نقد ما استدلّ به الشيخ رحمه‏الله في المسألة

ويرد عليه أنّ المدّعى عدم حجّيّة الأمارة المشكوكة الاعتبار(2)، وهذهالأدلّة ليست بصدد إثبات هذا المطلب، بل تدلّ على حرمة إسناد مفاد هذالنوع من الأمارات إلى اللّه‏ تعالى.

إن قلت: نعم، ولكن يتمّ المطلوب بالملازمة بين حرمة الإسناد وعدمالحجّيّة.

قلت: ما الدليل على إثبات هذه الملازمة لو ادّعي الشكّ فيها؟

بل بعضهم أقاموا البرهان على عدمها بإيراد نقوض عليها:

منها: ما ذكره المحقّق الخراساني رحمه‏الله من أنّ الظنّ الانسدادي على تقديرالحكومة حجّة، ومع ذلك يحرم إسناد مفاده إلى اللّه‏ تعالى، لاستقلال العقلبحجّيّته من دون أن يكشف حجّيّته الشرعيّة(3).

لكن يرد عليه أنّ الظنّ الانسدادي على تقدير الحكومة لا يتّصف بالحجّيّةأصلاً(4)، فإنّ واقعيّته هو الحكم بتبعيض الاحتياط في موارد احتمال التكليفالإلزامي، لا الحكم بحجّيّته.

توضيح ذلك: أنّ دليل الانسداد يبتني على مقدّمات:

أ ـ أنّا نعلم إجمالاً بثبوت تكاليف إلزاميّة كثيرة فعليّة في


  • (1) فرائد الاُصول 1: 125.
  • (2) وبتعبير المحقّق الخراساني رحمه‏الله : «الشكّ في الحجّيّة يساوق القطع بعدم الحجّيّة». منه مدّ ظلّه.
  • (3) كفاية الاُصول: 323.
  • (4) بخلاف الظنّ الانسدادي على تقدير الكشف، فإنّه حجّة شرعيّة منكشفة من طريق العقل. منه مدّ ظلّه.