وعن «التذكرة» في المسألة الاُولى من باب خيار الغبن مرسلاً عن النبيّ صلىاللهعليهوآله :«لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»(1).
وفي مجمع البحرين: وفي حديث الشفعة: «قضى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بالشفعة بينالشركاء في الأرضين والمساكن، وقال: لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»(3).
10ـ ما عن مسند أحمد بن حنبل برواية عبادة بن الصامت في ضمن نقلقضايا كثيرة عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قال: «وقضى أن لا ضرر ولا ضرار»ويعلم ممّا نقل عن ابن الأثير وأحمد بن حنبل أنّ الحديث مرويّ من طرقالعامّة أيضاً.
هذه عمدة الأخبار التي تكون مدركاً لقاعدة «لا ضرر»، وأعرضنا عننقل كلّها لأجل الاختصار، وبملاحظة هذه الأخبار يحصل لنا الوثوق بصدورمدرك القاعدة عن المعصوم عليهالسلام .
وكذلك لا ينبغي الشكّ في أنّها صدرت في قضيّة «سمرة بن جندب» لأنّهذكرت في الروايات المشتملة على قصّة «سمرة» بعنوان التعليل، فلا يحتملاستقلالها وعدم ارتباطها بالقصّة.
وإنّما الإشكال في موضعين:
أحدهما: أنّها هل صدرت مستقلّة أيضاً أم لا؟
كلام المحقّق النائيني رحمهالله في المسألة
ذهب المحقّق النائيني رحمهالله (1) إلى صدورها كذلك، حيث قال:
والظاهر أنّه ورد على وجهين:
أحدهما: مستقلاًّ من دون كونه ذيلاً لقضيّة وكبرى لصغرى خارجيّة.
وثانيهما: أنّه ورد كبرى لصغرى خارجيّة، كما في ذيل قضيّة خاصّة.
أمّا الأوّل: فقد نقله شيخنا«مدّ ظلّه» عن دعائم الإسلام، فقال: فيه خبرانمرويّان عن الصادق عليهالسلام يتضمّن كلّ منهما حكاية «لا ضرر ولا ضرار» عنالنبيّ صلىاللهعليهوآله بلا تعرّض لقضيّة «سمرة» ونحوها، وفي الوسائل في باب ثبوت«خيار الغبن» أيضاً نقل هاتين الجملتين مع زيادة «على مؤمن» بلا تعرّضلقضيّة اُخرى، ولكن حيث إنّ بناء صاحب الوسائل على تقطيع الأخبارفالظاهر أنّ ما نقله في هذا الباب هو الذي نقله في ذيل قضيّة «سمرة» في كتابإحياء الموات.
وعلى أيّ حال، وروده مستقلاًّ على الظاهر ممّا لا إشكال فيه، فإنّ في نهاية
- (1) في آخر تقريرات «البيع» للمحقّق النائيني رحمهالله رسالتان: إحداهما: في حكم اللباس المشكوك فيه بقلمالنائيني رحمهالله نفسه، والاُخرى: في قاعدة «لا ضرر» بقلم تلميذه الشيخ موسى الخوانساري مقرّر بيعه،ويحتمل أن تكون رسالة «لا ضرر» من إفادات النائيني رحمهالله بتقرير الشيخ موسى، ويحتمل أن تكون منإفادات الشيخ موسى نفسه، لكنّ الظاهر هو الاحتمال الأوّل. منه مدّ ظلّه.
(صفحه394)
ابن الأثير، والتذكرة، والعبارة التي نقلناها عن الوسائل(1) ناقلاً عن الصدوق لميذكر في ذيل قضيّة(2)، إنتهى كلامه رحمهالله .
نقد ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله في المقام
أقول: لا دليل على وروده مستقلاًّ، لأنّ ما نقل بنحو الاستقلال ظاهريمكن أن يكون قطعة من قصّة «سمرة بن جندب» أو قصّة «فضل الماء» أوغير ذلك.
ثانيهما: أنّها هل صدرت في ضمن قصّة اُخرى غير قصّة «سمرة بنجندب» أم لا؟
ظاهر رواية عقبة بن خالد التي نقلناها تحت الرقم 4 صدور «لا ضرر ولضرار» مرتبطاً بقصّة «فضل الماء والكلاء» لأجل «الفاء» التي تدلّ علىالتعليل، لكن في بعض النسخ روي «وقال» بدل «فقال»، وعليه فلا دليل علىصدورها مرتبطةً بالقصّة.
في ارتباط حديث «لا ضرر ولا ضرار» بمسألة الشفعة
وأمّا رواية «الشفعة» التي نقلناها تحت الرقم 5 فلا ظهور لها في ارتباطقوله: «لا ضرر ولا ضرار» بقصّة الشفعة وصدوره تعليلاً لها أصلاً، فإنّالرواية خالية عمّا يدلّ على التعليل.
على أنّ القول بكون الضرر على الشريك موجباً للشفعة يستلزم فقهجديداً وإشكالات متعدّدة، فإنّه لو كان بمنزلة العلّة للحكم لزم كونها معمّمة
- (1) الظاهر أنّه أراد ما نقلناه في ص399 تحت رقم 8 . م ح ـ ى.
- (2) منية الطالب في حاشية المكاسب 2: 193.
ج5
ومخصّصة، فيلزم من تعليل الشفعة بـ «لا ضرر ولا ضرار»:
أوّلاً: اختصاصها بما إذا كان بيع الشريك حصّته ضرراً على الشريكالآخر، وهذا لا يقول به أحد، فإنّهم اتّفقوا على ثبوت حقّ الشفعة للشريك،وإن لم يتضرّر ببيع الشريك الآخر حصّته.
وثانياً: ثبوت حقّ الشفعة للشريك في موارد توجّه الضرر إليه من البيع،وإن كانت الشركة بين ثلاثة أو أكثر، مع أنّهم اتّفقوا على اختصاص الشفعة بمإذا كانت الشركة بين اثنين، وأنّه لو باع واحد من الشركاء الثلاثة رابعاً حصّتهلا يثبت للشريكين الآخرين حقّ الشفعة.
وثالثاً: ثبوت حقّ الشفعة في غير البيع من المعاملات أيضاً فيما إذا تضرّرالشريك الآخر بتلك المعاملة، ولم يقل به أحد.
ورابعاً: أن يثبت حقّ الشفعة وإن لم يكن شركة في البين إذا كان البيعموجباً لضرر الجار، كما إذا باع زيداً داره وهو فاسق معتاد بشرب الخمروغيره ويؤذي جيرانه، فقضيّة كون «لا ضرر ولا ضرار» تعليلاً للشفعةثبوتها هاهنا أيضاً، فلابدّ من القول بجواز تملّك الجار الدار وإعطائه زيداً ثمنها،مع أنّه لم يقل به أحد.
وخامساً: أن لا يجوز للرجل بيع داره مثلاً لو لم يرتض به أهله وكان عدمرضايتهم بحيث يوجب المرض أو الهمّ الشديد، ولو باع فلابدّ من القول بجوازالفسخ لأهله، فإنّ المرض والهمّ ضرر عليهم، ولم يقل أحد في هذا الموردوأمثاله بعدم جواز البيع، ولا بجواز الفسخ للأهل على تقدير تحقّقه.
وسادساً: أن لا يجوز للإنسان إعطاء أكثر أمواله أحد أولاده بهبة أو صلحأو غيرهما، لأنّه ضرر على سائر الأولاد، ولو فعل فلابدّ من القول بجوازالفسخ لهم، مع أنّه لم يقل أحد بعدم جواز الإعطاء، ولا بجواز الفسخ لسائر