جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج2

أنّ المعروض متقدّم على عرضه رتبةً، فكذلك متعلّق الحكم متقدِّم عليه، فلوكان لقصد القربة دخل في المأمور به شطراً أو شرطاً كان ممّا تعلّق به الأمر،فلابدّ من كونه متقدِّماً عليه رتبةً مع أنّه لا يكاد يتأتّى إلاّ من قبل الأمر،فكان متأخّراً عنه رتبةً، لتوقّفه عليه، فأخذ قصد القربة في متعلّق الأمرمستلزم لتقدّم الشيء على نفسه، وهو ممتنع ذاتاً.

وفيه: أنّه لا إشكال في تقدّم رتبة المعروضات على أعراضها، لقيام العرضبالمعروض، ولكن قياس المقام بتلك المسألة باطل.

لأنّ الحكم إمّا أن يراد به الإرادة التي هي من الصفات المتأصّلة القائمةبنفس المريد، أو البعث والتحريك الاعتباري كما قلنا سابقاً: إنّه مفاد صيغة«افعل».

فعلى الأوّل لا ريب في كون الإرادة التي فرض أنّه الحكم أمراً حقيقيّكالعرض، ولا ريب أيضاً في احتياجها(1) إلى المراد، كاحتياج العرض إلىمعروضه، ولكن هذا لا يوجب استحالة أخذ قصد الأمر في متعلّقها، إذ الذييحتاج إليه الإرادة ليس المراد الخارجي الذي يسمّى مراداً بالعرض، لأنّه ربملا يكون موجوداً حين الإرادة، كما إذا أردت الحضور في الدرس حينخروجك من الدار، ولكن يوجد المراد أعني الحضور بعد ساعة مثلاً، فليصلح المراد الخارجي لأن يكون طرفاً للإضافة، بل الصالح له هو المرادبالذات، أعني الصورة الذهنيّة للمراد الخارجي، فإذن لا إشكال في أنّ المريديتمكّن من تصوّر المراد مع قيد قصد الأمر حين الإرادة من دون أن يستلزممحالاً، فالشارع حينما يريد إقامة الصلاة بواسطة العباد يتصوّر المراد، وهوالصلاة بجميع قيودها التي منها قصد امتثال الأمر، ثمّ يأمرهم بها، فالصلاة


  • (1) لكون الإرادة من الاُمور ذات الإضافة، لها إضافة إلى نفس المريد وإضافة إلى المراد. منه مدّ ظلّه.
(صفحه86)

الخارجيّة وإن كانت متأخّرة عن الإرادة، إلاّ أنّ ما يتوقّف عليه تحقّق الإرادةهو الصلاة بوجودها الذهني لا الخارجي، ولا يلزم منه تقدّم الشيء على نفسهكما لا يخفى.

هذا مضافاً إلى بعد كون الحكم بمعنى الإرادة.

وعلى الثاني فالاُمور الاعتباريّة لا يتصوّر فيها التقدّم والتأخّر، لأنّ الأمرالاعتباري ليس بشيء وراء الاعتبار، فكيف يكون رتبته متقدّمة على شيءأو متأخّرة عنه؟! مع أنّهما يختصّان بالاُمور الحقيقيّة.

ولو توقّف البعث والتحريك الاعتباري في المقام إلى وجود العباداتخارجاً لكان بعثاً إلى تحصيل الحاصل.

ويدلّك على عدم جريان أحكام الواقعيّات في الاعتباريّات أنّ الأعراضلكونها أموراً حقيقيّةً متأصّلة لا يمكن اجتماع ضدّين منها في معروض واحدفي وقت واحد ولو من قبل شخصين، ألا ترى أنّه لا يمكن اجتماع البياضوالسواد في جسم واحد في زمان واحد ولو كان المؤثّر في بياضه زيد وفيسواده عمرو مثلاً، بخلاف الحكمين المختلفين، فإنّه يمكن أن يوجب شخصعملاً خاصّاً في زمان ويحرّمه شخص آخر في ذلك الزمان، فيصير واجببالنسبة إلى الأوّل وحراماً بالنسبة إلى الثاني. فلا مجال لقياس الأحكام التيهي من الاُمور الاعتباريّة بالاعراض التي هي من الحقائق الخارجيّة.

الثاني: أنّ أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر مستلزم للدور، لأنّ قصد الأمرلا يمكن أن يتحقّق خارجاً إلاّ بعد الأمر، وصدور الأمر يتوقّف على قدرةالمكلّف على المأمور به بجميع أجزائه وقيوده، لأنّها من الشرائط العقليّة لكلّتكليف، فالقدرة على قصد الأمر متوقّف على الأمر، وهو متوقّف عليها، وهذدور مصرّح، ولا ريب في استحالته الذاتيّة.

ج2

وفيه: أنّ قدرة العبد على قصد الأمر وإن كان متوقّفاً على الأمر، إلاّ أنّالأمر لا يتوقّف على القدرة في زمنه، لأنّ العقل لا يحكم بأنّ القدرة حينالتكليف شرط له، بل يحكم بأنّ القدرة في ظرف الامتثال شرط له، وهيحاصلة للعبد في زمن الامتثال، وإن جاءت من قبل الأمر.

الثالث: أنّ أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر يستلزم تعلّق لحاظين ـ آليّواستقلاليّ ـ بشيء واحد في آن واحد، وهو محال.

توضيح ذلك: أنّ كلّ آمر يلاحظ الأمر والمأمور به كليهما، لكن ملاحظةالأمر إنّما هي لأجل التوصّل إلى المأمور به، ولا يلاحظه مستقلاًّ، فإنّ المولىإذا قال لعبده: «اشتر اللحم» كان غرضه الأصلي نفس اشتراء اللحم، وأمّالأمر به فإنّما هو لأجل تحقّقه، فلا يكون الأمر ملحوظاً للآمر إلاّ بنحو الآليّة.

وأمّا المأمور به فهو بجميع أجزائه وشرائطه ملحوظ له بنحو الاستقلال.

فلو كان قصد الأمر مأخوذاً في متعلّقه يلزم أن يكون الأمر لأجل كونه آلةًووسيلةً إلى التوصّل إلى المأمور به ملحوظاً بنحو الآليّة، ولأجل دخله فيالمأمور به ملحوظاً بنحو الاستقلال، والجمع بين لحاظين في آن واحد محال،سيّما إذا اختلفا في الآليّة والاستقلاليّة.

وفيه: أنّ اللحاظين ليسا في آن واحد، فإنّ الآمر يلاحظ المأمور به بجميعأجزائه وشرائطه أوّلاً ثمّ يلاحظ الأمر ثمّ يأمر، فلحاظ الأمر بما أنّه من قيودالمأمور به متقدّم على لحاظه بما أنّه آلة للتوصّل إليه.

كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في المقام

الرابع: ما أفاده المحقّق النائيني رحمه‏الله وقال بعض الأعلام في المحاضرات: هوأحسن الوجوه، وهو أنّ القضايا المتضمّنة للأحكام ترجع إلى القضاي

(صفحه88)

الحقيقيّة، وكلّ قيد في القضايا الحقيقيّة إذا اُخذ مفروض الوجود في الخارجسواء كان اختياريّاً أم كان غير اختياريّ يستحيل تعلّق التكليف به، والسببفي ذلك أنّ القضايا الحقيقيّة ترجع إلى قضايا شرطيّة مقدّمها وجود الموضوعوتاليها ثبوت المحمول له، مثلاً قولنا: «المستطيع يجب عليه الحجّ» قضيّةحقيقيّة ترجع إلى قضيّة شرطيّة، وهي قولنا: «إذا وجد في الخارج شخصوصدق عليه أنّه مستطيع وجب عليه الحجّ» فيكون وجوب الحجّ مشروطبوجود الاستطاعة في الخارج، فتدور فعليّته مدار فعليّتها، لاستحالة فعليّةالحكم بدون فعليّة موضوعه.

وعليه فلا يمكن أن يقع مثل هذا القيد مورداً للتكليف، بداهة أنّ المشروطلا يقتضي وجود شرطه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ذلك القيد اختياريّاً أوغير اختياريّ، والأوّل: كالعقد، والعهد، والنذر، والاستطاعة، وما شاكل ذلك،فإنّ مثل قوله تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»(1) أو نحوه يرجع إلى أنّه إذا فرضوجود عقد في الخارج يجب الوفاء به، لا أنّه يجب على المكلّف إيجاد عقد فيالخارج والوفاء به، والثاني: كالوقت، والبلوغ، والعقل، حيث إنّها خارجة عناختيار المكلّف، فلا تكون مقدورةً له، ومن الطبيعي أنّ مثل هذه القيود إذاُخذت في مقام الجعل فلا محالة اُخذت مفروضة الوجود في الخارج، يعني أنّالمولى فرض وجودها أوّلاً، ثمّ جعل الحكم عليها، ومردّ ذلك إلى أنّه متىتحقّق وقت الزوال مثلاً فالصلاة واجبة، ومتى تحقّق البلوغ في مادّة المكلّففالتكليف فعلي في حقّه، وهكذا، وليس معنى «إذا زالت الشمس فصلِّ»وجوب الصلاة ووجوب تحصيل الوقت، حيث إنّه تكليف بغير مقدور، بلمعناه ما ذكرناه، فإنّ ما هو مقدور للمكلّف هو ذات الصلاة، وإيقاعها في


  • (1) المائدة: 1.
ج2

الوقت عند تحقّقه، وأمّا تحصيل نفس الوقت فهو غير مقدور له، فلا يعقلتعلّق التكليف به.

وقد تحصّل من ذلك أنّ كلّ قيد إذا اُخذ في مقام الجعل مفروض الوجودفلا يعقل تعلّق التكليف به، سواء كان اختياريّاً أم لم يكن، غاية الأمر أنّ القيدإذا كان غير اختياريّ فلابدّ من اُخذه مفروض الوجود، ولا يعقل اُخذه فيمتعلّق التكليف بغير ذلك، ومقامنا من هذا القبيل، فإنّ قصد الأمر إذا اُخذ فيمتعلّقه فلا محالة يكون الأمر موضوعاً للتكليف ومفروض الوجود في مقامالإنشاء، لما عرفت من أنّ كلّ قيد إذا اُخذ متعلّقاً لمتعلّق التكليف فبطبيعةالحال كان وجود التكليف مشروطاً بفرض وجوده فرضاً مطابقاً للواقعالموضوعي، وحيث إنّ متعلّق المتعلّق فيما نحن فيه هو نفس الأمر فيكونوجوده مشروطاً بفرض وجود نفسه فرضاً مطابقاً للخارج، فيلزم عندئذٍكون الأمر مفروض الوجود قبل وجود نفسه، وهذا خلف، ضرورة أنّ ما ليوجد إلاّ بنفس إنشائه كيف يعقل أخذه مفروض الوجود في موضوع نفسه،فإنّ مرجعه إلى اتّحاد الحكم والموضوع(1).

نقد ما أفاده المحقّق النائيني رحمه‏الله في المسألة

وفيه أوّلاً: أنّ دعوى رجوع جميع القضايا المتضمّنة للأحكام أو أكثرهسواء كانت خبريّة أم إنشائيّة إلى القضايا الحقيقيّة فاسدة، لوضوح عدمرجوع مثل «أقيموا الصلاة» و«أوفوا بالعقود» إليها.

نعم، لا بأس بالقول بكون «المستطيع يجب عليه الحجّ» قضيّة حقيقيّة، لكنّهلم يوجد بهذه العبارة في دليل شرعي أصلاً، بل الدليل هو قوله تعالى: «وَللّه‏ِِ


  • (1) هذا ما حكاه في المحاضرات 2: 154 عن المحقّق النائيني رحمه‏الله .