بل هو واقع في كلمات الاُدباء والشعراء، ولا يمكن تخطئتهم في ذلك.
كيفيّة استعمال المشترك في أكثر من معنى
ثمّ بعد إثبات إمكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد عقلاً وعدم منعالواضع عنه أيضاً يقع البحث في أنّ استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنىهل هو بنحو الحقيقة أو المجاز؟
رأي صاحب المعالم رحمهالله في المقام
ثالث الأقوال ما ذهب إليه صاحب المعالم رحمهالله من كونه مجازاً في المفردوحقيقةً في التثنية والجمع.
واستدلّ على الأوّل بأنّ ما وضع له اللفظ المشترك إنّما هو كلّ من المعانيمع قيد الوحدة، فكان استعماله في أكثر من واحد منها موجباً لإلغاء قيدالوحدة واختصاص اللفظ ببعض الموضوع له، فيكون من باب إطلاق اللفظالموضوع للكلّ وإرادة الجزء(1).
نقد نظريّة صاحب المعالم في المفرد
وفيه أوّلاً: منع اعتبار قيد الوحدة في الموضوع له، إذ لا دليل عليه، فإنّمعاجم اللغة التي هي الطريق الوحيد لمعرفة مثل هذا خالية عنه، فالظاهر
- (1) معالم الدِّين وملاذ المجتهدين: 39.
ج1
وضع اللفظ لذات المعنى خالياً من أيّ قيد وإن كان الواضع واحداً فضلاً عمّإذا كان متعدّداً.
وثانياً: أنّ الذي يوجب التجوّز إنّما هو استعمال اللفظ الموضوع للكلّ فيالجزء إذا كان للكلّ تركّب خارجي، كإطلاق الأصابع وإرادة الأنامل، وليبعد شموله للمركّبات العقليّة الملحوظة من قبل الواضع، كإطلاق الإنسانوإرادة الحيوان أو الناطق.
وأمّا المقيّد ـ وهو الذي يكون القيد خارجاً عنه والتقيّد داخلاً، ولا يكونفيه التركّب من ذات المقيّد والتقيّد إلاّ بتعمّل من العقل من دون ملاحظته منقبل الواضع ـ فإطلاق لفظه وإرادة ذاته مع قطع النظر عن القيد لا يستلزمالتجوّز، فإنّ ظاهر كلام البيانيّين اختصاص التجوّز بالقسمين الأوّلين لو لمنقل باختصاصه بالأوّل، وهو التركّب الخارجي فقط.
نقد ما أورده المحقّق الخراساني رحمهالله على صاحب المعالم
وأورد عليه صاحب الكفاية رحمهالله بوجه آخر، وهو أنّ قيد الوحدة لو كانمعتبراً في الموضوع له لما جاز الاستعمال في الأكثر أصلاً، لأنّ الأكثر ليسجزء المقيّد بالوحدة، بل يباينه مباينة الشيء بشرط شيء والشيء بشرط لا،كما لا يخفى(1).
ولكنّه غير وارد على صاحب المعالم رحمهالله ، لأنّه من قبيل خلط المفهومبالمصداق، فإنّ البحث ليس في مفهوم الأكثر، بل في مصداقه، وبعبارة اُخرىليس البحث في استعمال اللفظ في المجموع، بل فيما إذا استعمل في أكثر من معنى