(الصفحة 215)
أيضاً سلطنة على الفعل ، فيكون «ملك الإقرار بالشيء» على نحو السلطنة على ذلك الشيء ، فليس للبنت البالغة الرشيدة ـ بناءً على ولاية الأب عليها ـ مزاحمة الوليّ في إقراره ، كما ليس لها مزاحمته في أصل الفعل .
وكذا إذا قامت البيّنة على إقرار الأب حين صغر الطفل بتصرّف فيه أو في ماله ، فليس له بعد البلوغ مزاحمته . وهذا بخلاف الموكِّل ; فإنّه يزاحم الوكيل في إقراره كما يزاحمه في أصل التصرّف (1) .
أقول : معنى المزاحمة في الإقرار الثابتة في الموكِّل أنّه يمكن للموكّل الإقرار قبل الوكيل ، فلا يبقى موضوع لإقرار الوكيل ، مثلا إذا أقرّ بأنّ مورد الوكالة ملك لزيد ، يترتّب على إقراره آثار ملكية زيد ، ولا يبقى حينئذ موضوع لإقرار الوكيل بأنّه باعه من عمرو مثلا ، مع أنّه لو لم يكن مسبوقاً بإقرار الموكِّل ، لكان يترتّب على إقرار الوكيل تحقق المعاملة وثبوت الملكية لعمرو ; لأنّ من ملك شيئاً ملك الإقرار به ، فالمزاحمة في الإقرار كالمزاحمة في أصل التصرف ، فإذا باع الموكِّل مورد الوكالة من شخص قبل أن يتحقق البيع من الوكيل ، لا يبقى حينئذ موضوع لتصرف الوكيل .
والظاهر من الاحتمالين في معنى «ملك الإقرار» هو الثاني ; لرجوعه إلى مساواة «ملك الإقرار» لملكية الشيء والسّلطنة عليه ، بخلاف الاحتمال الأوّل الذي مرجعه إلى توسعة دائرة «ملك الإقرار» بالنسبة إلى ملك الشيء ، كما لا يخفى .
هذا ،مضافاًإلى أنّه مع ثبوت السلطنة للآخر ـ كما هو المفروض ـ يصير الآخر أيضاً مشمولا للقاعدة ، فيملك الإقرار كما يملكه الأوّل ، ولا مجال لإخراجه بعد تساوي نسبة القاعدة إليهما ، فمقتضى الأخذ بعموم القاعدة ترجيح الاحتمال الثاني .
هذا تمام الكلام في قاعدة من ملك شيئاً ملك الإقرار به.
5 ذي القعدة الحرام 1408 هـ
- (1) رسائل فقهية (تراث الشيخ الأعظم) : 191 .
(الصفحة 219)قاعدة الغرور
وهي من القواعد المعروفة المشهورة في باب الضمانات ، والمستند إليها في الأبواب المختلفة في الكتب الفقهيّة ، والكلام فيها يقع في مقامات :
المقام الأوّل : في مدركها ومستندها ، وما قيل أو يمكن أن يقال في هذا المجال اُمور :
الأوّل : الرواية النبوية المشهورة بين الفريقين ; وهي قوله (صلى الله عليه وآله) : المغرور يرجع إلى من غرّه ، وقد حكي إسنادها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن المحقّق الثاني في حاشية الإرشاد(1) ، ويظهر أيضاً من صاحب الجواهر في كتاب الغصب ، حيث قال : بل لعلّ قوله (صلى الله عليه وآله) : المغرور يرجع إلى من غرّه ، ظاهر في ذلك(2) ، وحكي(3) عن ابن الأثير في نهايته ذلك أيضاً ، ولكنّي لم أجده فيها .
وكيف كان ، فقد ادّعى بعض المتتبعين في كتب الأحاديث(4) أنّه لا يوجد هذا
- (1) راجع حاشية المكاسب للسيّد اليزدي : 2 / 286 وحاشية الإرشاد للمحقق الثاني: 338 .
(2) جواهر الكلام : 37 / 145 .
(3) الحاكي هو المحقق البجنوردي في القواعد الفقهيّة : 1 / 270 .
(4) كالمحقّق البجنوردي في القواعد الفقهيّة: 1 / 271 .