جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 489)

وبالجملة : لا يبقى لمن امعن النظر في موارد قبول شهادة العدلين ارتياب في أنّه لا خصوصية لتلك الموارد ، بل حجّيتها إنّما هي بنحو العموم والشمول لجميع الموضوعات إلاّ ما خرج بالدليل ، مثل الزنا واللواط(1) وغيرهما .

الخامس : سيرة العقلاء من جميع الملل وإن لم يكونوا متشرّعين بشريعة أصلا ; فإنّهم يرون شهادة شخصين موثّقين طريقاً مثبتاً إلى الموضوعات التي تترتّب عليها الأحكام العرفية والآثار العقلائيّة .

ويرد عليه : عدم انطباق هذا الدليل على المدّعى ; فإنّ المدّعى كما عرفت يعتبر فيه التعدّد والعدالة ، فإنّه المراد من البيّنة بالمعنى الاصطلاحي ، والدليل وهي سيرة العقلاء إنّما يكون موردها مطلق الشهادة ولو لم يكن من الشخصين ، كما أنّه لا يعتبر فيه العدالة بل يكفي مجرّد الوثاقة ، وسيأتي أنّ السيرة بهذا العرض الوسيع مردوعة عنها في الشريعة ، إلاّ أن يقال : إنّ الرّدع إنّما هو بالإضافة إلى قسم من مورد جريان السيرة . وامّا بالنسبة إلى ما كان مشتملا على التعدّد والعدالة فلم يتحقّق الردع ، بل كان الأخبار الكثيرة المتقدّمة بمنزلة الإمضاء له ، كما لايخفى .

السادس : أنّ الموضوعات لا ريب في كون أكثرها خفية على أكثر الناس ; بمعنى أنّ كلّ صنف من الناس وإن كان لهم التسلّط على معرفة صنف من الموضوعات ، لكنّ الغالب لا بصيرة له في الغالب ، فلو كانت الأحكام معلّقة على العلم بالموضوعات لزم تعطيل الأحكام غالباً ، ولزم الهرج والمرج ، فلابدّ من كون شيء معتبراً في الشرع في الموضوعات غير العلم ممّا يوجب الوثوق بها ، ولا قائل بما هو أزيد من البيّنة من شهادة ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو نحو ذلك . نعم ، في حجّية شهادة العدل الواحد كلام يأتي البحث عنه إن شاء الله تعالى .

السّابع : لو دار ثبوت الموضوعات المترتّبة عليها الأحكام في الشريعة مدار

  • (1) يراجع تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحدود : 114 ـ 121 وص 288 ـ 293 .

(الصفحة 490)

حصول العلم لكلّ أحد ، لزم العسر والحرج الشديد المنفي بالنصّ والإجماع ، فكذا المقدّم ، فتثبت حجّية البيّنة بعدم القول بالفصل ; لأنّ كلّ من اعتبر ما سوى العلم فقد إعتبر البيّنة .

وهنا وجوه اُخر مذكورة لإثبات حجّية البيّنة في الموضوعات ، ولكن ملاحظة ما ذكرنا من الأدلّة وإن كان بعضها لا يخلو من المناقشة والنظر ، لا تبقي مجالا للارتياب في الحجّية المذكورة ، فلا وجه لما نسب إلى القاضي عبد العزيز بن البرّاج من عدم حجّية البيّنة في إثبات النجاسة(1) ، ولا لما نسب(2) إلى ظاهر السيّد في الذريعة(3) والمحقّق في المعارج(4) والمحقّق الثاني في الجعفريّة(5) وبعض آخر(6) من عدم ثبوت الاجتهاد بشهادة عدلين ; لعدم الدليل عليه .

وإن كان يمكن أن يكون الوجه في الأخير هو عدم كون الاجتهاد من الاُمور المحسوسة ، وحجّية البيّنة مقصورة على الاُمور المحسوسة ، كما أنّه يمكن أن يكون الوجه في الأوّل هو كون النجاسة أمراً مسبّبياً غير محسوس ، والبيّنة لابدّ وأن تكون في مورد أمر محسوس ، وسيأتي البحث عن ذلك في بعض المقامات الآتية إن شاء الله تعالى .

المقام الثاني : في مورد حجيّة البيّنة وسعة دائرتها وضيقها ، فنقول :

لا ريب في أنّ الموضوع الذي تكون البيّنة حجّة بالإضافة إليه لابدّ وأن يكون مترتّباً عليه أثر شرعيّ حتى يكون اعتبارها لأجل ترتّب ذلك الأثر عليه ، فكما

  • (1) المهذّب : 1 / 30 .
    (2) الناسب هو المحقّق النراقي في العوائد الأيّام : 811 ـ 812 .
    (3) الذريعة إلى اُصول الشريعة : 2 / 325 .
    (4) معارج الاُصول : 201 .
    (5) الرسالة الجعفريّة ، المطبوع مع رسائل المحقّق الكركي : 1 / 80 .
    (6) الوافية في اُصول الفقه : 299 .

(الصفحة 491)

أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب في الموضوعات الخارجية ترتّب الأثر الشرعي عليها ، فكذلك يعتبر في حجّية البيّنة ذلك ، فلو كان هناك موضوع لم يترتّب عليه حكم في الشريعة ، فلا مجال لاحتمال حجّية البيّنة فيه أصلا . وهذا ممّا لا شبهة فيه ، كما أنّه لا شبهة في أنّه إذا كان موضوع الأثر أمراً محسوساً كالماء والخلّ والخمر والكلب والخنزير وأشباهها ; لا شك في حجّية البيّنة فيه بعد القول باعتبار البيّنة في تمام الموارد من غير اختصاص بموارد خاصّة .

وأمّا إذا لم يكن موضوع الأثر أمراً محسوساً ، فتارة : تكون له آثار محسوسة بحيث يكون بينها وبين ذلك المشهود به ملازمة عرفيّة ، أو يكون لها أسباب مخصوصة محسوسة ، واُخرى : لا يكون كذلك ; بمعنى أنّه لا يكون له أثر محسوس ولا سبب مخصوص محسوس أيضاً .

فإن كان من قبيل الأوّل كالعدالة والاجتهاد والأعلميّة ونحوها في الصّورة الاُولى منه ، والنجاسة والزوجية والطلاق في الصورة الثّانية منه ، فالظّاهر حجّية البيّنة فيه أيضاً ; لأنّه وإن كانت كلمة «الشهادة» ظاهرة في الحضور والإخبار عن العين والعلم بإحدى الحواسّ الخمس ، وكذلك كلمة «البيّنة» ظاهرة في ما كان ظاهراً مشهوداً ; لأنّه صيغة مشبهة من «بان» بمعنى ظهر ، ومذكّرها «بّين» ، إلاّ أنّه إذا كان الموضوع الذي قام به البيّنة له أثر محسوس كالأمثلة المذكورة ، فحيث يكون بينه وبين أثره المحسوس ملازمة عرفية ، ففي الحقيقة يكون كأنّ المشهود به أمراً محسوساً .

وكذلك إذا كان له سبب محسوس كالأمثلة الاُخرى المذكورة أيضاً ، مضافاً إلى أنّ الشهادة بالمسبّب شهادة بالسبب ، بعد عدم انحصار دائرة الحجّية في الأمارات بخصوص المدلول المطابقي منها ، بل تسع دائرة الحجّية للوازم والملزومات والملازمات أيضاً .

(الصفحة 492)

وإن كان من قبيل الثاني ، فالظاهر أنّه لا دليل على حجّية البيّنة فيه ، لا من الآيات والروايات ولا من السيرة والإجماع وغيرهما .

أمّا الاُولى ; فلأنّه ـ مضافاً إلى أنّ لفظ الشهادة الوارد في كثير منهما لا ينطبق عليه ; لانّك عرفت أنّه من الشهود بمعنى الحضور ، وفي هذا الفرض ـ لا معنى لتحقّق الحضور بعد عدم خلوّ المشهود به من كونه محسوساً ، أو ثبوت أثر محسوس ، أو سبب محسوس له كما هو المفروض . وأمّا الثانية ; فلأنّ القدر المتيقّن من مثل السيرة والإجماع غير هذا الفرض ، فلا دليل على الحجيّة ، ومن المعلوم افتقارها إلى الدليل على ثبوتها .

المقام الثالث : كما أنّه يعتبر في مفهوم البيّنة ومعناها بحسب الاصطلاح التعدّد والعدالة ، فهل يعتبر فيه الرّجوليّة أيضاً ، فلا يطلق عنوانها على شهادة النساء أصلا ، ولو مع العدالة والتعدّد البالغ أربع نفرات ، وعليه : فيحتاج إثبات حجّية شهادة النساء إلى أدلّة اُخرى غير ما ذكرنا ، أو لا يعتبر فيه الرجولية ، بل شهادة أربع نساء بيّنة يشملها ما يدلّ على اعتبار البيّنة؟ فالثمرة تظهر فيما إذا لم يكن هناك دليل خاصّ على أحد الطرفين من الاعتبار وعدمه .

وبعبارة اُخرى : لا شبهة في اعتبار شهادة النساء منفردات في بعض الموارد ، ومنضـمّات إلى الرجال في بعض موارد اُخر ، وقد وقع التعرّض في كتاب الشهادات للموردين(1) ، كما أنّه لا شبهة في عدم اعتبارها في بعض الموارد لا منفردات ولا منضـمّات ، كثبوت الهلال والطلاق وغيرهما من الموارد ، إنّما الإشكال في موارد الخلوّ من الدليل الخاصّ . فإن قلنا بعموم لفظ البيّنة ، فمقتضى أدلّة حجّيتها حجّيتها أيضاً ، وإن قلنا بالعدم ، فلا دليل على اعتبارها مطلقاً .

  • (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء والشهادات : 471 ـ 495 .

(الصفحة 493)

والظاهر أنّه لا سبيل إلى استكشاف أحد الطرفين وإن كان ربما يدّعى أنّ المتبادر من لفظ البيّنة في عرف المتشرّعة هي الشهادة المقرونة بالتعدّد ، من دون فرق بين الرجل والمرأة ، كما أنّه ربما يدّعى الانصراف إلى خصوص الرّجل ، ويؤيّد الأوّل عطف الرجل والمرأتين على الرجلين في إطلاق إسم الشاهد عليهما في مثل قوله تعالى في آية الدّين المفصّلة : {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَانِ لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيِنْ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}(1) ، إلاّ أنّه مع ذلك لا سبيل إلى تعيين أحد الاحتمالين ، ومع الترديد لا دليل على اعتبار البيّنة مع عدم الرّجولية .

نعم ، ربما يستشهد لعموم حجّية شهادة النساء إلاّ ما خرج بالدليل برواية عبد الكريم بن أبي يعفور ، عن الباقر (عليه السلام) قال : تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كنّ مستورات من أهل البيوتات ، معروفات بالستر والعفاف ، مطيعات للأزواج ، تاركات للبذاء والتبرّج إلى الرجال في أنديتهم(2) .

ولكنّ الظاهر أنّ الرواية في مقام بيان شروط قبول شهادة المرأة لا في مقام بيان أنّه في أيّ مورد تقبل شهادتهنّ حتى يؤخذ بإطلاقها ، وبعبارة اُخرى : هي ناظرة إلى العدالة المعتبرة في الشاهد بالإضافة إلى المرأة لا إلى الخصوصيات الاُخرى ، كما لا يخفى .

المقام الرابع : هل اعتبار البيّنة يختصّ بمن يقوم عنده البيّنة أو لا يختصّ به ، بل يشمل من لم تقم عنده أيضاً إذا اُحرز قيامها عند غيره وشهادتهما عند الغير بما له أثر لمن لم تقم عنده ، فاذا علم بشهادة عدلين برؤية الهلال عند عالم فلانيّ مثلا

  • (1) سورة البقرة 2 : 282 .
    (2) تهذيب الأحكام : 6 / 242 ح 597 ، الاستبصار : 3 / 13 ح 34 ، وعنهما وسائل الشيعة : 27 / 398 ، كتاب الشهادات ب 41 ح 20 .