جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 306)

عموم الحكم خلفاً بعد سلف ، وكان هذا هو المتداول من الصدر الأوّل إلى يومنا هذا ، فترى مثلا في صحيحة زرارة المعروفة ـ الواردة في الاستصحاب ـ أنّ المفروض في موردها إصابة دم الرعاف أو شيء من المني إلى ثوب زرارة(1) ، والحكم الواقع في الجواب في جميع الفروض المفروضة لزرارة إنّما وقع بصورة الخطاب الشخصي متوجّهاً إلى زرارة ، وهكذا في كثير من الروايات الواردة بهذه المثابة ، ومع ذلك يستدلّون بها للحكم الكلّي ، ولم يناقش فيه أحد منهم .

ومنه يظهر عدم ارتباط ذلك بمسألة عموم الخطابات الشفاهية وعدمه ، التي هي مسألة مختلف فيها أيضاً ، وسكوتهم عن التعرّض لمسألة الاشتراك وعدم إقامة الحجّة عليه ، إنّما هو للإتّكال على كونه من المسلّم عندهم ، بل ربّما يقال : إنّه من ضروري الدين ، ولا أقلّ من كونه من ضروري الفقه .

نعم ، من الواضح أنّه لو كان قيد مأخوذاً في الموضوع كقيد الاستطاعة الوارد في دليل وجوب الحج ، فلا مجال لدعوى اقتضاء الاشتراك لثبوت التكليف لغير المستطيع أيضاً ، كما أنّه لو احتمل اشتراط التكليف بمثل وجود الإمام أو نائبه الخاصّ ، كالتكليف بوجوب صلاة الجمعة ، لا مجال لدعوى كون القاعدة مقتضية للاشتراك بالإضافة إلى زمن الغيبة أيضاً .

والإنصاف تمامية هذا الدليل وثبوت الإتّفاق بل الضرورة على ذلك ، وقد بلغ نقل الإجماع في ذلك ـ مضافاً إلى الإجماع المحصّل ـ إلى حدّ الاستفاضة ، بل التواتر(2) .

الثاني : الاستصحاب ، وتقريبه أن يقال : إذا توجّه حكم إلى بعض آحاد

  • (1) تهذيب الأحكام : 1 / 421 ح 1335 ، الاستبصار : 1 / 183 ح 641 ، علل الشرائع : 361 ب 80 ح 1 ، وعنها وسائل الشيعة : 3 / 466 ، كتاب الطهارة ب 37 ح 1 و ص 477 ب 41 ح 1 .
    (2) يراجع العناوين : 1 / 23 .

(الصفحة 307)

المكلّفين أو إلى طائفة منهم ، فلا شبهة في عدم الاختصاص بذلك البعض أو تلك الطائفة بالإضافة إلى الموجودين في زمان صدور الحكم من الإمام (عليه السلام)  ، بل يعمّ الموجودين قطعاً ، وعليه : فالحكم ثابت في ذلك الزمان بالنسبة إلى الجميع ، ومع الشك في البقاء بالنسبة إلى الموجودين بعد ذلك الزمان ، يكون مقتضى الاستصحاب البقاء ، وهو معنى قاعدة الاشتراك .

واُورد عليه أوّلا : بأنّ الخطاب إذا كان متوجها إلى شخص خاصّ أو طائفة مخصوصة ، فمن أين نعلم باتّحاد الموجودين في زمان صدور الحكم مع المخاطب أو المخاطبين؟

وثانياً : أنّه إذا كان الاتّحاد بالإضافة إلى الموجودين في ذلك الزمان معلوماً ، فالإتّحاد بالإضافة إلى الموجودين في الأزمنة المتأخّرة أيضاً يكون معلوماً ، لأنّه لا خصوصية لوجودهم في ذلك الزمان ، ومع العلم لا يبقى مجال للاستصحاب .

وثالثاً : أنّ الاستصحاب إنّما تصل النوبة إليه لو لم تكن الأدلّة اللفظية قائمة على البقاء ، ومع وجودها تكون حاكمة على الاستصحاب(1) .

وأنت خبير ـ بعد وضوح عدم كون الإيراد الثالث وارداً على الدليل ; لأنّ كلّ دليل إنّما يلاحظ مستقلاًّ ومع قطع النظر عن الدليل الآخر ، وإلاّ فالإجماع القطعي الذي كان دليلا لا يبقي مجالا للاستصحاب ، مع عدم كونه دليلا لفظيّاً ـ بأنّ اشتراك الموجودين في زمن الخطاب مع المخاطبين ، إن كان من مصاديق قاعدة الاشتراك يكون الاستناد إليه أوّل الكلام ، وإلاّ فلو فرض كونه مسلّماً في نفسه وخارجاً عن قاعدة الاشتراك لا يبقى مجال للإيرادين الأوّلين .

مع أنّه يمكن تقرير الاستصحاب بنحو يكون المستصحب هو الحكم الثابت لذلك الشخص أو تلك الطائفة ، فإنّه يشك في بقائه مع زواله ، ومقتضى

  • (1) القواعد الفقهيّة للمحقق البجنوردي : 2 / 54 .

(الصفحة 308)

الاستصحاب البقاء ، ولازمه التعلّق بجميع الموجودين في الأزمنة المتأخّرة ; إذ لا معنى للبقاء مع عدم التعلّق ، كما أنّه لا معنى للبقاء مع التعلّق بواحد غير معلوم ، ولا يجري فيه إمكان الترجيح ، فتدبّر .

الثالث : ثبوت ارتكاز المتشرّعة حتى العوام منهم على أنّ حكم الله في هذه الواقعة واحد وثابت للجميع ، من دون أن يكون مختصّاً بالمخاطب ، وهذا الارتكاز لا محالة قد نشأ من مبدأ الوحي والرّسالة ، وقد انتقل من السلف إلى الخلف ، ولذا لو سأل أحد مقلّديهم من المجتهد واستفتاه في حكم موضوع ، يستفيد منه المقلّد الآخر وتتعيّن وظيفته أيضاً ، من دون حاجة إلى استفتاء جديد ، والسؤال في الروايات إنّما كان على هذا المنوال .

فإذا قال الإمام (عليه السلام) في جواب زرارة ـ الذي سأله عن إصابة المني إلى ثوبه وقد نسيه فصلّى فيه ـ : أعد صلاتك مثلا ، يكون المرتكز في ذهن المتشرّعة ثبوت هذا الحكم بالإضافة إلى جميع من كان منطبقاً عليه مفروض السؤال وإن كان المخاطب بحسب اللفظ والبيان هو زرارة ، وهذا لا ينافي اختصاص بعض التكاليف ببعض الطوائف أو بعض الأشخاص ; فإنّ المراد من الاشتراك عدم اختصاص التكليف بمن توجّه الخطاب إليه .

وهذا لا ينافي كون موضوع الحكم ـ أي المكلّف ـ مقيّداً ببعض القيود أو متّصفاً ببعض الصفات ، أو كونه من طائفة خاصّة أو كونه من الرجال أو من النساء ; لأنّه ليس المراد من قاعدة الاشتراك اشتراك جميع المكلّفين ; سواء كانوا واجدين لقيود موضوع الحكم أم لم يكونوا واجدين لها ، فالاشتراك في تكليف الحج مرجعه إلى ثبوت وجوبه لكلّ مستطيع ، لا وجوبه على الكلّ ، مستطيعاً كان أم لم يكن ، كما مرّ في الدليل الأوّل .

الرّابع : أنّه قد ثبت في محلّه بمقتضى الأخبار وتسلّم الأخيار أنّه لا يخلو شيء

(الصفحة 309)

من الوقائع المبتلى بها عن حكم من الأحكام الإلهيّة ، فإذا ثبت حكم لأحد مثل زرارة في المثال المتقدّم ، فاللازم الحكم بثبوته لغيره ممّن هو مثله في الجهات الراجعة إلى الحكم ; إذ مع عدم ثبوته لغيره لابدّ إمّا من الالتزام بخلوّ نفس هذه الواقعة بالإضافة إلى غيره عن الحكم ، فينافي مع ما دلّت عليه الأخبار والتزم به الأخيار ، وإمّا من الالتزام بجعل مثله بالنسبة إلى الغير بجعل مستقلّ جديد ، والمفروض أنّه لا دليل على هذا الجعل ; إذ الفرض أنّ الدليل في المسألة منحصر بما ورد في قصّة زرارة مثلا ، ولا دليل على جعل آخر بنحو العموم كما لا يخفى .

والظاهر أنّه إلى هذا الدليل ينظر كلام بعض المحققين  ، حيث إنّه يقول في ما حكي عنه : والقول بأنّ الكون في زمان النبي (صلى الله عليه وآله) دخيل في اتّحاد الصنف الذي هو شرط شمول الخطابات ، هدم لأساس الشريعة ; وذلك من جهة أنّ الأحكام إن كانت مخصوصة بالحاضرين في مجلس النبيّ (صلى الله عليه وآله) المخاطبين ، أو مطلق الموجودين في ذلك الزمان فقط ، فانتهى أمر الدين ـ العياذ بالله ـ وتكون الناس بعد ذلك كالبهائم والمجانين . وهذا أمر باطل بالضرورة ; لأنّه يوجب هدم أساس الدين .

فإدّعاء الضرورة على اشتراك الجميع في التكاليف لا بعد فيه ، بل هو كذلك(1) .

الخامس : دلالة نفس الأدلّة اللفظية الواردة في موارد خاصّة على العموم ، بحسب المتفاهم العرفي والظهور العقلائي المعتبر في باب دلالة الألفاظ ، فإذا سأل سائل عن حكم رجل شك في الصلاة بين الثلاث والأربع ، لا ينسبق إلى أذهان العرف إلاّ كون مورد السؤال نفس الشك بين الثلاث والأربع ، من دون أن يكون للرّجولية خصوصية في ذلك ، ولذا يجرى الجواب المتصدّي لبيان الحكم في النساء أيضاً ، وفي مثال زرارة المتقدم يكون المتفاهم العرفي من سؤال زرارة هو إصابة

  • (1) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي : 2 / 56 .

(الصفحة 310)

ثوب المكلّف وملاقاة الدم أو شيء من المني له ، لا إصابة شيء من ذلك إلى ثوب زرارة وإن كان الثوب مضافاً إليه ، ففي الحقيقة يكون مقتضى هذا الدليل عموم نفس ذلك الدليل اللفظي ، وعدم كون الخصوصية دخيلة بنظر العرف والعقلاء أصلا .

السادس : ما ربّما يقال من تنقيح المناط القطعي ; نظراً إلى أنّ الأحكام التابعة للمفاسد والمصالح النفس الأمريّة لا تختلف بحسب أفراد المكلّفين ; للزوم دفع المضرّة وجلب المنفعة اللازمة على الكل .

ودعوى أنّ المفروض تبعيّتها للوجوه والاعتبارات ولعلّ للخصوصية مدخلية ، مدفوعة بأنّ المراد بالوجوه والاعتبار ما عدا خصوصيات المكلّفين من حيث هم كذلك ; لأنّها أشخاص مختلفة لا يدور مدارها الاُمور نفس الأمرية ، بل مدارها على المفاهيم العامّة ، كالمريض والصحيح ، والمسافر والحاضر ، ونحو ذلك من الصفات اللاحقة للمكلّفين أو العارضة للأفعال . وأمّا مع إتّحاد ذلك فخصوص زيد وعمرو لا دخل له في ذلك .

ودعوى انتقاضه بخصائص النبيّ (صلى الله عليه وآله)  ، مدفوعة بعدم كون الخصائص لشخصه ، بل إنّما هو لعنوان كلّي ، غاية الأمر انحصار ذلك العنوان في فرد واحد ومصداق فارد ، ويؤيّد هذا الدليل طريقة العقلاء ; فإنّهم إذا رأوا رجلا فعل فعلا فتضرّر به ، أو فعل فعلا فانتفع به ; فإنّهم يجتنبون عن الأوّل ويرتكبون الثاني ، ولا يلتفتون إلى احتمال الخصوصية أصلا(1) .

السابع : الرّوايات الواردة في المقام الدالّة على اشتراك أحكام الله تبارك وتعالى بين الكلّ ، وعدم مدخلية خصوصية الأشخاص والعوارض المشخصّة لهم ، ككونه أباً لفلان أو إبناً له ، أو لونه كذا ، أو قبيلته فلان ، أو سنّه كذا ، أو حرفته

  • (1) العناوين : 1 / 24 .